الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
مطلب ضابط في حصر أحكام نفقة الأصول والفروع واعلم أن مسائل هذا الباب، مما تحير فيها أولو الألباب، لما يتوهم فيها من الاضطراب، وكثيرا ما رأيت من ضل فيها عن الصواب، حيث لم يذكروا لها ضابطا نافعا ولا أصلا جامعا، حتى وفقني الله تعالى إلى جمع رسالة فيها سميتها [تحرير النقول في نفقات الفروع والأصول] أعانني فيها المولى سبحانه على شيء لم أسبق إليه، ولم يحم أحد قبلي عليه، باختراع ضابط كلي مبني على تقسيم عقلي، مأخوذ من كلامهم تصريحا أو تلويحا، جامع لفروعهم جمعا صحيحا، بحيث لا تخرج عنه شاذة، ولا يغادر منها فاذة. وبيان ذلك أن نقول: لا يخلو إما أن يكون الموجود من قرابة الولاد شخصا واحدا أو أكثر. والأول ظاهر؛ وهو أنه تجب النفقة عليه عند استيفاء شروط الوجوب. والثاني لا يخلو، إما أن يكونوا فروعا فقط أو فروعا وحواشي، أو فروعا وأصولا؛ أو فروعا وأصولا وحواشي، أو أصولا فقط أو أصولا وحواشي، فهذه ستة أقسام. وبقي قسم سابع تتمة الأقسام العقلية وهو الحواشي فقط نذكره تتميما للأقسام وإن لم يكن من قرابة الولادة. القسم الأول: الفروع فقط: والمعتبر فيهم القرب والجزئية: أي القرب بعد الجزئية دون الميراث كما علمت، ففي ولدين لمسلم فقير ولو أحدهما نصرانيا أو أنثى تجب نفقته عليهما سوية ذخيرة للتساوي في القرب والجزئية وإن اختلفا في الإرث، وفي ابن وابن ابن على الابن فقط لقربه بدائع، وكذا تجب في بنت وابن ابن على البنت فقط لقربها ذخيرة. ويؤخذ من هذا أنه لا ترجيح لابن ابن على بنت بنت وإن كان هو الوارث لاستوائهما في القرب والجزئية ولتصريحهم بأنه لا اعتبار للإرث في الفروع، وإلا لوجبت أثلاثا في ابن وبنت ولما لزم الابن النصراني مع الابن المسلم شيء؛ وبه ظهر أن قول الرملي في حاشية البحر: إنها على ابن الابن لرجحانه مخالف لكلامهم. القسم الثاني: الفروع مع الحواشي. والمعتبر فيه أيضا القرب والجزئية دون الإرث، ففي بنت وأخت شقيقة على البنت فقط وإن ورثتا بدائع وذخيرة وتسقط الأخت لتقديم الجزئية. وفي ابن نصراني وأخ مسلم على الابن فقط وإن كان الوارث هو الأخ ذخيرة: أي لاختصاص الابن بالقرب والجزئية. وفي ولد بنت وأخ شقيق على ولد البنت وإن لم يرث ذخيرة: أي لاختصاصه بالجزئية وإن استويا في القرب لإدلاء كل منهما بواسطة، والمراد بالحواشي هنا من ليس من عمود النسب: أي ليس أصلا ولا فرعا: فيدخل فيه ما في الذخيرة: لو له بنت ومولى عتاقة فعلى البنت فقط وإن ورثا أي لاختصاصها بالجزئية. القسم الثالث: الفروع مع الأصول والمعتبر فيه الأقرب جزئية: فإن لم يوجد اعتبر الترجيح، فإن لم يوجد اعتبر الإرث، ففي أب وابن تجب على الابن لترجحه ب «أنت ومالك لأبيك» ذخيرة وبدائع، أي وإن استويا في قرب الجزئية، ومثله أم وابن لقول المتون ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد. قال في البحر: لأن لهما تأويلا في مال الولد بالنص؛ ولأنه أقرب الناس إليهما. ا هـ. فليس ذلك خاصا بالأب كما قد يتوهم بل الأم كذلك. وفي جد وابن ابن على قدر الميراث أسداسا للتساوي في القرب، وكذا في الإرث وعدم المرجح من وجه آخر بدائع. وظاهره أنه لو له أب وابن ابن أو بنت بنت فعلى الأب؛ لأنه أقرب في الجزئية فانتفى التساوي ووجد القرب المرجح، وهو داخل تحت الأصل المار عن الذخيرة والبدائع؛ وكذا تحت قول المتون لا يشارك الأب في نفقة ولده أحد. القسم الرابع: الفروع مع الأصول والحواشي، وحكمه كالثالث. لما علمت من سقوط الحواشي بالفروع لترجحهم بالقرب والجزئية، فكأنه لم يوجد سوى الفروع والأصول، وهو القسم الثالث بعينه. القسم الخامس: الأصول فقط، فإن كان معهم أب فالنفقة عليه فقط لقول المتون لا يشارك الأب في نفقة ولده أحد، وإلا فإما أن يكون بعضهم وارثا وبعضهم غير وارث أو كلهم وارثين؛ ففي الأول يعتبر الأقرب جزئية، لما في القنية: له أم وجد لأم فعلى الأم أي لقربها؛ ويظهر منه أن أم الأب كأبي الأم. وفي حاشية الرملي: إذا اجتمع أجداد وجدات فعلى الأقرب ولو لم يدل به الآخر. ا هـ. فإن تساووا في القرب فالمفهوم من كلامهم ترجح الوارث، بل هو صريح قول البدائع في قرابة الولادة إذا لم يوجد الترجيح اعتبر الإرث. ا هـ. وعليه ففي جد لأم وجد لأب تجب على الجد لأب فقط اعتبارا للإرث، وفي الثاني أعني لو كان كل الأصول وارثين فكالإرث. ففي أم وجد لأب تجب عليهما أثلاثا في ظاهر الرواية خانية وغيرها. القسم السادس: الأصول مع الحواشي، فإن كان أحد الصنفين غير وارث اعتبر الأصول وحدهم ترجيحا للجزئية ولا مشاركة في الإرث حتى يعتبر فيقدم الأصل سواء كان هو الوارث أو كان الوارث الصنف الآخر، مثال الأول ما في الخانية: لو له جد لأب وأخ شقيق فعلى الجد. ا هـ. ومثال الثاني ما في القنية: لو له جد لأم وعم فعلى الجد. ا هـ. أي لترجحه في المثالين بالجزئية مع عدم الاشتراك في الإرث؛ لأنه هو الوارث في الأول، والوارث هو العم في الثاني، وإن كان كل من الصنفين أعني الأصول والحواشي وارثا اعتبر الإرث. ففي أم وأخ عصبي أو ابن أخ كذلك أو عم كذلك، على الأم الثلث وعلى العصبة الثلثان بدائع. ثم إذا تعدد الأصول في هذا القسم بنوعيه ننظر إليهم ونعتبر فيهم ما اعتبر في القسم الخامس. مثلا: لو وجد في المثال الأول المار عن الخانية: جد لأم مع الجد لأب نقدم عليه الجد لأب لترجحه بالإرث مع تساويهما في الجزئية. ولو وجد في المثال الثاني المار عن القنية أم مع الجد لأم نقدمها عليه لترجحها بالإرث وبالقرب، وبهذا يسقط الإشكال الذي سنذكره عن القنية كما ستعرفه، وكذلك لو وجد في الأمثلة الأخيرة مع الأم جد لأم نقدمها عليه لما قلنا، ولو وجد معها جد لأب بأن كان للفقير أم وجد لأب وأخ عصبي أو ابن أخ أو عم كانت النفقة على الجد وحده كما صرح به في الخانية. ووجه ذلك أن الجد يحجب الأخ وابنه والعم لتنزيله حينئذ منزلة الأب، وحيث تحقق تنزيله منزلة الأب صار كما لو كان الأب موجودا حقيقة، وإذا كان الأب موجودا حقيقة لا تشاركه الأم في وجوب النفقة فكذا إذا كان موجودا حكما فتجب على الجد فقط بخلاف ما لو كان للفقير أم وجد لأب فقط فإن الجد لم ينزل منزلة الأب فلذا وجبت النفقة عليهما أثلاثا في ظاهر الرواية كما مر. القسم السابع: الحواشي فقط، والمعتبر فيه الإرث بعد كونه ذا رحم محرم وتقديره واضح في كلامهم كما سيأتي ثم هذا كله إذا كان جميع الموجودين موسرين، فلو كان فيهم معسر، فتارة ينزل المعسر منزلة الميت وتجب النفقة على غيره، وتارة ينزل منزلة الحي وتجب على من بعده بقدر حصصهم من الإرث وسيأتي بيانه أيضا، فهذا خلاصة ما اشتملت عليه تلك الرسالة النافية للجهالة، فعض عليه بالنواجذ، وكن له أرغب آخذ، وإن أردت الزيادة على ذلك فارجع إليها وعول عليها، فإنها فريدة في بابها، نافعة لطلابها، وهي من محض فضل الله تعالى، فله في كل وقت ألف حمد يتوالى. (قوله النفقة على البنت أو بنتها) لف ونشر مرتب، ففي الأول النفقة على البنت وحدها للقرب، وفي الثاني على بنتها للجزئية ومثله ابن نصراني وأخ مسلم وإن كان الوارث هو الأخ كما قدمناه (قوله؛ لأنه لا يعتبر الإرث) علة لقوله النفقة على البنت أو والجزئية، ففي هذا المثال يجب للفقير على جده سدس النفقة وعلى ابن ابنه باقيها فإن هذا الفقير لو مات يرثان منه كذلك وقوله إلا لمرجح استثناء من هذا الاستثناء: أي عند التساوي يعتبر الإرث إلا إذا ترجح أحد المتساويين، فعلى من معه رجحان فتجب على ابنه دون أبيه مع استوائهما في القرب. ويرد على هذا ما لو كان له ابن وبنت فإنهما استويا في القرب والجزئية مع عدم المرجح والنفقة عليهما بالسوية، وكذا لو له ابن نصراني وابن مسلم مع أن المسلم ترجح بكونه هو الوارث، فيتعين حمل قولهم: والمعتبر فيه القرب والجزئية لا الإرث على ما إذا كان الواجب عليه النفقة فروعا فقط أو فروعا وحواشي وهو القسم الأول، والثاني من الأقسام السبعة المارة. أما بقية الأقسام فيعتبر فيها الإرث على التفصيل المار فيها. ثم اعلم أن قوله والمعتبر فيه إلخ الضمير فيه راجع إلى ما قبله من نفقة الفروع والأصول على ما قدمناه عن الفتح ومثله في الذخيرة والبحر وإن كان الأصوب إرجاعه إلى نفقة الأصول فقط أي نفقة الأصول الواجبة على الفروع لما علمت من أن عدم اعتبار الإرث على إطلاقه خاص بهم، لكن الشارح تابع صاحب الفتح في إرجاعه الضمير إلى النوعين، فلذا أورد مسائل من كل منهما بعضها من نفقة الأصول الواجبة على الفروع وبعضها من عكسه فافهم. (قوله لترجحه ب «أنت ومالك لأبيك») أي بهذا الحديث الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة كما في الفتح، وهو مؤول للقطع بأن الأب يرث السدس من ولده مع وجود ولد الوالد، فلو كان الكل ملكه لم يكن لغيره شيء معه. قال الرحمتي: وينبغي في جد وابن ابن وجوب النفقة على ابن الابن لهذا المرجح، فإنهم جعلوه مطردا في جميع الأصول مع الفروع، وبنوا عليه مسائل: منها أن الجد إذا ادعى ولد أمة ابن ابنه عند فقد الابن صحت دعواه ويتملكها بالقيمة كما هو الحكم في الأب لهذا الحديث فتأمل. ا هـ. (قوله فكإرثهما) أي ثلاثا؛ لأن كلا منهما وارث فلا يرجح أحدهما على الآخر كما مر في القسم الخامس (قوله فعلى الأم) أي لكونها أقرب من أبيها حيث كان أحدهما وارثا والآخر غير وارث كما مر (قوله فعلى أبي الأم)؛ لأن الجزئية تقدم على غيرها عند عدم المشاركة في الإرث (قوله واستشكله في البحر إلخ) أصل الإشكال لصاحب القنية. وجهه أن وجوبها في أم وعم كإرثها نص عليه محمد في الكتاب، فيقتضي جعل العم بمنزلة الأم، وفي المسألة التي قبلها جعل أبو الأم متقدما على العم، فيلزم أن يتقدم أيضا على الأم لمساواتها للعم، فيشكل جعل النفقة على الأم في مسألة أم وأبي أم، بل الظاهر جعلها على أبي الأم لتقدمه عليها، وجعلها على الأم يقتضي تقدمها على أبيها، ويلزم منه تقدمها على العم؛ لأن أباها متقدم عليه فكيف تكون عليهما كإرثهما أفاده ط. وحاصله أن هذه المسائل الثلاثة متناقضة. وأقول: لا تناقض فيها أصلا، لما علمت من أن الإرث إنما لا يعتبر في نفقة الأصول الواجبة على الفروع، أما في غيرها من نفقة الفروع وذوي الرحم فله اعتبار فيها على التفصيل الذي قررناه في الضابط، وحينئذ فما ذكر في المسألة الأولى من تقديم الأم على أبيها لكونها أقرب في الجزئية مع عدم المشاركة في الإرث، وبذلك أجاب الخير الرملي أيضا في دفع الإشكال. وما في المسألة الثانية من تقديم أبي الأم على العم لاختصاصه بالجزئية مع عدم المشاركة في الإرث أيضا. وما ذكر في المسألة الثالثة من كونها على قدر الإرث لوجود المشاركة في الإرث، لما قلنا من اعتبار الميراث في غير نفقة الأصول؛ فحيث وجدت المشاركة في الإرث اعتبر قدر الميراث، فقد ظهر أن جهة التقديم في إيجاب النفقة أو المشاركة فيها مختلفة في المسائل الثلاث فلا تناقض فيها أصلا فافهم، والله أعلم. (قوله قال إلخ) أي صاحب البحر، وقد نقله أيضا عن القنية حيث قال فيها ويتفرع من هذه الجملة فرع أشكل الجواب فيه. وهو ما إذا كان له أم وعم وأبو أم موسرون، فيحتمل أن تجب على الأم لا غير؛ لأن أبا الأم لما كان أولى من العم والأم أولى من أبيها كانت الأم أولى من العم، لكن يترك جواب الكتاب. ويحتمل أن تكون على الأم والعم أثلاثا. ا هـ. قلت: ووجهه الاحتمال الثاني أنه لما نص في مسألة الكتاب على وجوبها على الأم والعم كإرثهما أي أثلاثا علم أن المعتبر الإرث هنا، فحينئذ يسقط أبو الأم في هذه المسألة المشكلة وهو الصواب. وبه أجاب الخير الرملي أيضا فقال: إن الظاهر من فروعهم أن الأقربية إنما تقدم إذا لم يكونوا وارثين كلهم، فأما إذا كانوا كذلك فلا كالأم والعم والجد لقولهم بقدر الإرث. ا هـ. وبذلك أجاب أيضا شيخ مشايخنا السائحاني وفقيه عصره شيخ مشايخنا منلا علي التركماني، وهو الموافق لما قدمناه في الضابط في قسم اجتماع الأصول مع الحواشي، وقد نبهنا على سقوط الإشكال هناك فافهم. (قوله وتجب أيضا إلخ) شروع في نفقة قرابة غير الولاد، وجوبها لا يثبت إلا بالقضاء أو الرضا، حتى لو ظفر أحدهم بجنس حقه قبل القضاء أو الرضا ليس له الأخذ، بخلاف الزوجة والولد والأبوين فإن لهم الأخذ قبل ذلك كما مر، كذا في الذخيرة وغيرها. واعترض بأن القاضي غير مشروع بل الوجوب ثابت بقوله تعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك} وأجيب بأن نفقة القريب المحرم فيها اختلاف المجتهدين بخلاف الزوجية والولاد. واعترض بأن الخلافيات يعمل فيها بدون القضاء. وأجيب بأنه إذا قوي قول المخالف روعي خلافه واستعين بالحكم كالرجوع في الهبة وخيار البلوغ. وأجيب أيضا بأن الوجوب ثابت قبل الحكم، وإنما يتوقف عليه وجوب الأداء، فقد يجب الشيء ولا يجب أداؤه كدين على معسر. واعترض بأنه لو ثبت الوجوب لجاز أخذ القريب بما ظفر من جنس حقه. وأجيب بمنع اللزوم لوقوع الشبهة بالاختلاف في باب الحرمة فنزلت منزلة اليقين خصوصا في الأموال، وبالقضاء ترتفع الشبهة، وله نظائر كثيرة وبسط ذلك في البحر وفيما علقناه عليه. مطلب في نفقة قرابة غير الولاد من الرحم المحرم (قوله لكل ذي رحم محرم) خرج بالأول الأخ رضاعا، وبالثاني ابن العم، ولا بد من كون المحرمية بجهة القرابة. فخرج ابن العم إذا كان أخا من الرضاع فلا نفقة له كذا في شرح الطحاوي وأطلق فيمن تجب عليه النفقة فشمل الصغير الغني والصغيرة الغنية فيؤمر الوصي بدفع نفقة قريبهما المحرم بشرطه كذا في أنفع الوسائل بحر. ثم إن قول المصنف ولكل معطوف على قوله لأصوله أي أصول الموسر، فأفاد اشتراط اليسار فيمن تجب عليه النفقة هنا أيضا، إذ لا تجب على فقير إلا للزوجة والولد الصغير كما في كافي الحاكم. وفي تفسير اليسار الخلاف المار. (قوله مطلقا) قيد للأنثى: أي سواء كانت بالغة أو صغيرة صحيحة أو زمنة كما أفاده بقوله ولو كانت إلخ، والمراد بالصحيحة، القادرة على الكسب، لكن لو كانت مكتسبة بالفعل كالقابلة والمغسلة لا نفقة لها كما مر (قوله أو كان الذكر بالغا) لا يصح دخوله تحت المبالغة بعد تقييده بقوله صغير، فكان على المصنف أن يقول أو بالغ عاجز بالجر عطفا على صغير (قوله لكن عاجزا) الأولى إسقاط لكن؛ لأن العطف بها يشترط له تقدم نفي أو نهي ط قوله كعمى إلخ) أفاد أن المراد بالزمانة العاهة كما في القاموس. وفي الدر المنتقى أن الزمانة تكون في ستة: العمى وفقد اليدين أو الرجلين أو اليد والرجل من جانب والخرس والفلج. ا هـ. فإن قلت: إن من ذكر قد يكتسب، فالأعمى يقدر على العمل بالدولاب، ومقطوع اليدين على دوس العنب برجليه أو الحراسة، وكذا الأخرس. قلنا: إن اكتسب بذلك واستغنى عن الإنفاق فلا وجوب وإلا فلا يكلف؛ لأن هذه الأعذار تمنع عن الكسب عادة فلا يكلف به (قوله وعته) بالتحريك: نقصان العقل (قوله لحرفة) كذا في بعض النسخ بالحاء والفاء. وفي المغرب: الحرفة بالكسر اسم من الاحتراف، الاكتساب. ولا يخفى أنه لا يناسب هنا فالصواب ما في بعض النسخ لخرقه بالخاء المعجمة والقاف وآخره ضمير الغيبة وهو عدم معرفة عمل اليد. خرق خرقا من باب قرب فهو أخرق مصباح. وفي الاختيار:؛ لأن شرط وجوب نفقة الكبيرة العجز عن الكسب حقيقة كالزمن والأعمى ونحوهما، أو معنى كمن به خرق ونحوه. ا هـ. (قوله أو لكونه من ذوي البيوتات) أي من أهل الشرف قال في المغرب: البيوتات جمع بيت، ويختص بالأشراف. وعبارة الفتح: وكذا إذا كان من أبناء الكرام لا يجد من يستأجره وعبارة الزيلعي: أو يكون من أعيان الناس يلحقه العار بالتكسب. واعترضه الرحمتي بأن كسب الحلال فريضة، وبأن عليا سيد العرب كان يؤجر نفسه لليهود كل دلو ينزعه من البئر بتمرة والصديق بعد أن بويع بالخلافة حمل أثوابا وقصد السوق فردوه وفرض له من بيت المال ما يكفيه وأهله وقال سأتجر للمسلمين في مالهم حتى أعوضهم عما أنفقت على نفسي وعيالي. ا هـ. وأي فضل لبيوت تحمل أهلها أن تكون كلا على الناس. ا هـ. ملخصا. قلت: لا يخفى أن ذلك لم يكن عارا في زمن الصحابة بل يعدونه فخرا، بخلاف من بعدهم؛ ألا ترى أن الخليفة بل من دونه في زماننا لو فعل كذلك لسقط من أعين رعيته فضلا عن أعدائه. وقد أثبت الشارع لولي المرأة فسخ النكاح لدفع العار عنه، فحيث كان الكسب عارا له كما لو كان ابنا أو أخا للأمير أو لقاضي القضاة مثلا تجب له النفقة عليه بشروطها (قوله أو طالب علم) أي إذا كان به رشد ومر الكلام عليه (قوله حال من المجموع) أي من صغير وأنثى وبالغ. قال ط: والأولى جعله حالا من ذي رحم محرم لعمومه الكل، وفي نسخة فقراء (قوله بحيث تحل له الصدقة) كذا فسره في البدائع، وذلك بأن لا يملك نصابا ناميا أو غير نام زائدا عن حوائجه الأصلية. والظاهر أن المراد به ما كان من غير جنس النفقة، إذ لو كان يملك دون نصاب من طعام أو نقود تحل له الصدقة، ولا تجب له النفقة فيما يظهر؛ لأنها معللة بالكفاية، وما دام عنده ما يكفيه من ذلك لا يلزم غيره كفايته تأمل. (قوله ولو له منزل وخادم) أي وهو محتاج إليهما، وهذا عام في الوالدين والمولودين وذوي الأرحام كما صرح به في الذخيرة، وفيها: لو كان يكفيه بعض المنزل أمر ببيع بعضه وإنفاقه على نفسه، وكذا لو كانت له دابة نفيسة يؤمر بشراء الأدنى وإنفاق الفضل. ا هـ. ومثله في شرح أدب القضاء، ومتاع البيت المحتاج إليه مثل المنزل والدابة كما في شرح أدب القضاء، وهل مثله جهاز المرأة؟ قدمنا في الزكاة خلافا في أنها هل تحرم عليها الصدقة بسببه فراجعه وهل تجب نفقة الخادم هنا؟ مقتضى ما في البدائع نعم، فإنه قال: وكل من وجبت عليه نفقة غيره يجب عليه المأكل والملبس والمسكن والرضاع إن كان رضيعا؛ لأن وجوبها للكفاية، والكفاية تتعلق بهذه الأشياء، وإن كان له خادم يحتاج إلى خدمته يفرض له أيضا؛ لأن ذلك من جملة الكفاية. ا هـ. واحتياجه إلى خدمته بأن يكون به علة كما قدمناه في خادم الأب، وكذا لو كان من أهل البيوتات لا يتعاطى خدمة نفسه بيده تأمل. (قوله بقدر الإرث) أي تجب نفقة المحرم الفقير على من يرثونه إذا مات بقدر إرثهم منه (قوله: {وعلى الوارث مثل ذلك}) أي مثل الرزق والكسوة التي وجبت على المولود له فأناط الله تعالى النفقة باسم الوارث فوجب التقدير بالإرث ط (قوله ولذا) أي للآية الشريفة حيث عبر فيها بعلى المفيدة للإلزام ط. ويوجد في بعض النسخ بين قوله ولذا، وقوله يجبر عليه ما نصه: ينظر ما المراد بالجبر هنا، هل هو الحبس أو غيره وقد ذكروا في القضاء حبسه لنفقة الولادة، ومفاده عدم الحبس لغيرهم. قلت: وكان المناسب ذكر هذا بعد قوله يجبر عليه. ثم لا يخفى أنه إذا حبس الأب فغيره بالأولى؛ لأن الأب لا يحبس في دين ولده سوى النفقة، على أن المذكور في القضاء أنه يحبس لنفقة القريب والزوجة، وأما ما سيذكره عن البدائع من أن الممتنع من نفقة القريب يضرب ولا يحبس فهو خطأ في النقل كما ستعرفه قبيل قوله ولمملوكه. (قوله يجبر عليه) أي على الإنفاق، وقدمنا عن البحر أنه لو قال: أنا أطعمك ولا أدفع شيئا لا يجاب بل يدفعها إليه (قوله أي فقير) مقيد أيضا بالعاجز عن الكسب إن كان ذكرا بالغا ولو صغيرا أو أنثى، فمجرد الفقر كاف كما مر (قوله له أخوات متفرقات) أي أخت شقيقة وأخت لأب وأخت لأم (قوله أخماسا) ثلاثة أخماس على الشقيقة وخمس على الأخت لأب، وخمس على الأخت لأم؛ لأنهن لو ورثنه كانت المسألة من ستة: ثلاثة للأولى وسهم للثانية وسهم للثالثة وسهم يرد عليهن، فتصير المسألة ردية من خمسة. ا هـ. ح وكذلك تبقى النفقة أخماسا عند عدم الرد بأن كان معهن ابن عم، إذ لا نفقة عليه؛ لأنه غير محرم، فلو كان بدله عم عصبي تصير أسداسا (قوله ولو إخوة متفرقين) أي ولو كان الورثة إخوة متفرقين (قوله فسدسها) أي النفقة على الأخ لأم والباقي على الشقيق لسقوط الأخ لأب بالشقيق في الإرث ح (قوله كإرثه) مصدر مضاف لمفعوله أي كإرثهم إياه (قوله وكذا) أي الحكم كذلك لو كان معهن أي مع الأخوات أو معهم أي مع الإخوة (قوله ابن معسر) أي صغير أو كبير عاجز كما في الذخيرة، إذ لو كان صحيحا أمر بالكسب لينفق على نفسه وعلى أبيه على رواية محمد التي رجحها الزيلعي والكمال. وفي الذخيرة أن نفقة ذلك الابن على عمته الشقيقة في الأولى وعمه الشقيق في الثانية،؛ لأن الأب المعسر كالميت فيكون إرث الابن لعمه أو عمته المذكورين فقط فكذا نفقته (قوله ليصيروا ورثة) أي ويقضى عليهم بالنفقة، وما لم يجعل الابن كالمعدوم لا تصير الإخوة والأخوات ورثة فيتعذر إيجاب النفقة عليهم ط (قوله فنفقة الأب على الأشقاء) أي على الأخت الشقيقة في المسألة الأولى وعلى الأخ الشقيق في الثانية فأطلق الجمع على ما فوق الواحد، وقوله لإرثهم أي الأشقاء معها: أي مع البنت فلا تجعل البنت كالميت؛ لأنها لا تحرز كل الميراث، وإنما يجعل كالميت من يحرز كل الميراث لينظر إلى من يرث بعده فتجب النفقة عليه. ففي مسألة الابن تجب على كل الإخوة أو الأخوات، وهنا على الأشقاء فقط لسقوط الإخوة أو الأخوات لأب أو لأم. (قوله وعند التعدد) أي تعدد المعسرين والموسرين، والأولى وعند الاجتماع. وفي الخانية وغيرها الأصل أنه إذا اجتمع في قرابة من تجب له النفقة موسر ومعسر ينظر إلى المعسر، فإن كان يحرز كل الميراث يجعل كالمعدوم ثم ينظر إلى ورثة من تجب له النفقة فتجعل النفقة عليهم على قدر مواريثهم وإن كان المعسر لا يحرز كل الميراث تقسم النفقة عليه وعلى من يرث معه فيعتبر المعسر لإظهار قدر ما يجب على الموسرين ثم يجعل كل النفقة على الموسرين على اعتبار ذلك. ا هـ. (قوله كذي أم) أي كصغير فقير أو كبير زمن فقير له أم إلخ (قوله فالنفقة عليهما أرباعا)؛ لأن النصف في الإرث للشقيقة والسدس للأم والسدس للأخت لأب والسدس للأخت لأم، فكان نصيب الشقيقة والأم أربعة فربع النفقة على الأم وثلاثة أرباعها على الشقيقة. ا هـ. ح ولو جعل المعسر كالمعدوم أصلا كانت النفقة على الأم والشقيقة أخماسا: ثلاثة أخماس على الشقيقة والخمسان على الأم اعتبارا بالميراث خانية. وفيها: ولو كان للصغير أم معسرة ولأمه أخوات متفرقات موسرات فالنفقة على الخالة لأب وأم؛ لأن الأم تحرز كل الميراث فتجعل كالمعدومة، وأما نفقة الأم، فعلى أخواتها أخماسا على الشقيقة ثلاثة أخماس، وعلى الأخت لأب خمس، وعلى الأخت لأم خمس. ا هـ. وتمام ذلك في رسالتنا [تحرير النقول] (قوله إذ لا يتحقق إلخ) حاصله أن حقيقة الوارث في الآية غير مرادة فإنه من قام به الإرث بالفعل، وهذا لا يتحقق إلا بعد موت من تجب له النفقة ولا نفقة بعد الموت، فكان المراد من يثبت له ميراث فتح (قوله ولو استويا في المحرمية إلخ) أي وفي أهلية الإرث ذخيرة. قال في الفتح: والحاصل أن قوله أهلية الميراث لا إحرازه فيما إذا كان المحرز للميراث غير محرم ومعه محرم، أما إذا ثبت محرمية كلهم وبعضهم لا يحرز الميراث في الحال كالخال والعم إذا اجتمعا فإنه يعتبر إحراز الميراث في الحال وتجب على العم. وإذا اتفقوا في المحرمية والإرث في الحال وكان بعضهم فقيرا جعل كالمعدوم ووجبت على الباقين على قدر إرثهم كأن ليس معهم غيرهم. ا هـ. وفي الذخيرة: لو له عم وعمة وخالة موسرون فالنفقة على العم، فلو العم معسرا فعلى العمة والخالة أثلاثا كإرثهما (قوله وفي القنية إلخ) مكرر مع ما قدمه في الفروع عن الواقعات (قوله وفي السراج إلخ) مكرر أيضا مع ما قدمه قبيل قوله قضى بنفقة الإعسار، وأما ما قدمه قبيل الفروع من أن الرجوع إنما يثبت للأم فقط على الأب دون غيرها فلا يرد، أما أولا فلأنه خلاف المعتمد كما حررناه هناك، وأما ثانيا فلأن الرجوع هنا على الزوج لا على الأب فافهم (قوله على من رحمه كامل) أي بأن يكون محرما أيضا. (قوله ولذا) أي لاشتراط كونه رحما محرما وهو الرحم الكامل (قوله قولهم) أي في مسألة خال وابن عم (قوله فيه نظر إلخ) عبارة القهستاني: فيه نوع مخالفة لكلام القوم. ا هـ. فبين الشارح المخالفة بقوله؛ لأنه ليس بمحرم إلخ وأنت خبير بأنه غير مخالف لكلامهم أصلا بل هو مقرر له ومؤكد؛ فإن مسألة خال وابن عم مذكورة في متون المذهب وشروحه فصرحوا بوجوب النفقة فيها على الخال لكون رحمه كاملا، كما اشترطوا وإن كان الميراث كله لابن العم لكون رحمه ناقصا ونبهوا بهذا المثال على شيء آخر أيضا، وهو أن المعتبر أهلية الإرث لا الإرث حقيقة كما مر فمن أين جاءت المخالفة لكلامهم؟ وأوهى من هذا ما نقله القهستاني عن بعضهم من أن الأولى التمثيل بخال وعم لأب فإنه خطأ محض كما لا يخفى إن أراد أن النفقة على الخال، وإن أراد أنها على العم فلا فائدة في ذكر الخال، ولم يبق لأهلية الإرث مثال فافهم. (قوله مع الاختلاف دينا) أي كالكفر والإسلام، فلا يجب على أحدهما الإنفاق على الآخر. وفيه إشعار بأن نفقة السني على الموسر الشيعي كما أشير إليه في التكميل قهستاني، والمراد الشيعي المفضل. بخلاف الساب القاذف فإنه مرتد يقتل إن ثبت عليه ذلك، فإن لم يقتل تساهلا في إقامة الحدود فالظاهر عدم الوجوب؛ لأن مدار نفقة الرحم المحرم على أهلية الإرث، ولا توارث بين مسلم ومرتد، نعم لو كان يجحد ذلك ولا بينة يعامل بالظاهر وإن اشتهر حاله بخلافه، والله سبحانه أعلم. (قوله إلا للزوجة إلخ) لأن نفقة الزوجة جزاء الاحتباس وهو لا يتعلق باتخاذ الملة ونفقة الأصول والفروع للجزئية وجزء المرء في معنى نفسه فكما لا تمتنع نفقة نفسه بكفره لا تمتنع نفقة جزئه، إلا أنهم إذا كانوا حربيين لا تجب نفقتهم على المسلم وإن كانوا مستأمنين؛ لأننا نهينا عن البر في حق من يقاتلنا في الدين كما في الهداية (قوله لانقطاع الإرث) تعليل لقوله ولا نفقة مع الاختلاف دينا ولقوله لا الحربيين، فإن العلة فيهم عدم التوارث كما نص عليه في كافي الحاكم، فقد أخر التعليل ليكون للمسألتين فافهم (قوله؛ لأن له ولاية التصرف) فيه نظر. وعبارة الهداية وغيرها؛ لأن للأب ولاية الحفظ في مال الغائب؛ ألا ترى أن للوصي ذلك فالأب أولى لوفور شفقته. ا هـ. قال في الفتح: وإذا جاز بيعه صار الحاصل عنده الثمن وهو جنس حقه فيأخذه، بخلاف العقار؛ لأنه محصن بنفسه فلا يحتاج إلى الحفظ بالبيع. ا هـ. وحاصله أن المنقول مما يخشى هلاكه فللأب بيعه حفظا له وبعد بيعه يصير الثمن من جنس حقه فله الإنفاق منه فلا يقال إنه إنما يكون حفظا إذا لم ينفق ثمنه؛ لأن نفس البيع حفظا فلا ينافي تعلق حقه في الثمن بعد البيع فافهم، نعم استشكل الزيلعي أنه إذا كان البيع من باب الحفظ وله ذلك فما المانع منه لأجل دين آخر: قال في البحر: وأجاب عنه في غاية البيان بأن النفقة واجبة قبل القضاء والقضاء فيها إعانة لا قضاء على الغائب، بخلاف سائر الديون. ا هـ. تأمل. ثم إن ما ذكر هنا قول الإمام وهو الاستحسان. وعندهما وهو القياس أن المنقول كالعقار لانقطاع ولاية الأب بالبلوغ، وهل الجد كالأب؟ لم أره (قوله لا الأم) ذكر في الأقضية جواز بيع الأبوين، فيحتمل أن هذا رواية في أن الأم كالأب، ويحتمل أن المراد أن الأب هو الذي يتولى البيع وينفق عليه وعليها، أما بيعها بنفسها فبعيد لعدم ولاية الحفظ كما في الفتح وغيره، فأفاد ترجيح الثاني. وفي الذخيرة أنه الظاهر، ومثله في النهر عن الدراية. وفي القهستاني عن الخلاصة أن ظاهر الرواية أن الأم لا تبيع (قوله ولا بقية أقاربه) وكذا ابنه كما في القهستاني عن شرح الطحاوي (قوله فيبيع عقار صغير ومجنون) تفريع على قوله لا عقاره الراجع إلى الابن الكبير، وزاد المجنون؛ لأنه في حكم الصغير (قوله ولزوجته وأطفاله) المتبادر من كلامه أن الضمير راجع للأب كضمير له. وعبارة النهر، ولم يقل لنفقته، لما مر من أنه ينفق على الأم أيضا من الثمن، و ينبغي أن تكون الزوجة وأولاده الصغار كذلك. ا هـ. والمتبادر منها أن المراد زوجة الغائب وأولاده؛ لأن المراد من الأم أمه أيضا (قوله بقدر حاجته) قال في النهر: وفي قوله للنفقة إيماء إلى أنه لا يجوز له بيع زيادة على قدر حاجته فيها، كذا في شرح الطحاوي. ا هـ. وعزاه في البحر إلى غاية البيان. قلت: وهذا مخالف لبحث النهر، إلا أن يحمل على ما إذا لم يكن غيره، ويؤيده أنه ينفق على أم الغائب أيضا كما علمته. (قوله ولا في دين له) أي للأب على الابن الغائب (قوله لمخالفة إلخ) أشار إلى ما مر من إشكال الزيلعي وجوابه (قوله لا ديانة) فلو مات الغائب حل له أن يحلف لورثته أنهم ليس لهم عليه حق؛ لأنه لم يرد بذلك غير الإصلاح بحر عن الفتح (قوله كمديونه) أي فإنه إذا أنفق على من ذكر مما عليه يضمن، بمعنى أنه لا يبرأ قضاء ويبرأ ديانة رحمتي (قوله وزوجته وأطفاله) أشار إلى أن ذكر الأبوين غير قيد كما نبه عليه في البحر. وفي النهر: إنما خص الأبوين ليعم الزوجة والأولاد بالأولى (قوله إن كان) أي إن وجد ثم قاض شرعي، وهو من لم يأخذ القضاء بالرشوة، ولم يطلب رشوة على الإذن، وإلا فهو كالعدم رحمتي. (قوله استحسانا)؛ لأنه لم يرد به إلا الإصلاح ذخيرة. وفيها: وكذا قالوا في مسافرين أغمي على أحدهما أو مات فأنفق الآخر عليه من ماله، وفي عبد مأذون مات مولاه فأنفق في الطريق، وفي مسجد بلا متول له أوقاف أنفق عليه منها بعض أهل المحلة لا يضمن استحسانا فيما بينه وبين الله تعالى. وحكي عن محمد أنه مات تلميذ له فباع كتبه وأنفق في تجهيزه، فقيل له إنه لم يوص بذلك، فتلا محمد قوله تعالى: {والله يعلم المفسد من المصلح} فما كان على قياس هذا لا يضمن ديانة استحسانا، أما في الحكم فيضمن، وكذا لو عرف الوصي دينا على الميت فقضاه لا يأثم، وكذا لو مات رب الوديعة وعليه مثلها دين لآخر لم يقضه فقضاه المودع، ومثله المديون لو مات دائنه وعليه دين لآخر مثله لم يقضه فقضاه المديون، وكذا الوارث الكبير لو أنفق على الصغير ولا وصي له فهو محسن ديانة متطوع حكما. ا هـ. ملخصا من البحر لكن ذكر في التتارخانية في المسألة الأخيرة أنه إن كان طعاما لا ينفق سواء كان الصغير في حجره أو لا، وإن كان دراهم يملك شراء الطعام لو في حجره، وإن كان شيئا يحتاج إلى بيعه لا يملك إلا إن كان وصيا (قوله كما لا رجوع) أي للمودع على الأب بما أنفقه عليه إذا ضمنه الغائب؛ لأن المودع ملك المدفوع بالضمان فكان متبرعا بملك نفسه. قال في البحر: وظاهره أنه لا فرق بين أن ينفق عليهم أو يدفع إليهم في وجوب الضمان وعدم الرجوع عليهم لوجود العلة فيهما. ويظهر أنه لا ضمان لو أجاز المالك؛ لأن الإجازة إبراء منه ولأنها كالوكالة السابقة. ا هـ. (قوله وكما لو انحصر إرثه إلخ) فإذا أنفق على أبي الغائب مثلا بلا أمر ثم مات الغائب ولا وارث له غير الأب فلا رجوع للأب على المودع؛ لأنه وصل إليه عين حقه، وهذا ذكره في النهر بحثا وشبهه بما لو أطعم المغصوب للمالك بغير علمه. (قوله لغائب) أي هو ولدهما (قوله أي جنس النفقة) الأنسب لتذكر الضمير قول المنح من جنس حقهما أي النفقة (قوله لوجوب نفقة الولاد والزوجية) أشار بهذا إلى أن الأبوين في المتن ليس بقيد بل الزوجة وبقية الأولاد كذلك كما في البحر ح (قوله حتى لو ظفر) أي أحد هؤلاء (قوله فله أخذه) أي بلا قضاء ولا رضا بحر، وهذا مقيد بإباء الابن، وأن لا يكون ثمة قاض كما سلف ط (قوله حكم الحاكم) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها حكم الحال: أي حال لأب يوم الخصومة، فإن كان معسرا فالقول له استحسانا في نفقة مثله، وإلا فالقول للابن بحر (قوله ولو برهنا فبينة الابن) أي؛ لأنه يثبت أمرا عارضا خانية أي؛ لأن الأصل الإعسار، واليسار عارض، ومقتضى هذا الإطلاق أنه مع البينة لا ينظر إلى تحكيم الحال وإلا فهذا ظاهر فيما إذا كان معسرا يوم الخصومة؛ لأن الظاهر للأب، ولذا كان القول له فتكون البينة المعتبرة بينة الابن لإثباتها خلاف الظاهر، أما لو كان موسرا يومها فينبغي أن تقدم بينة الأب على أنه كان معسرا يوم الإنفاق، كما لو برهن وحده تأمل. قلت: وما مر من أن القول لمنكر اليسار والبينة لمدعيه فلعله عند عدم العلم بالحال تأمل. (قوله غير الزوجة) يشمل الأصول والفروع والمحارم والمماليك (قوله زاد الزيلعي والصغير) يعني استثناه أيضا فلا تسقط نفقته المقتضى بها بمضي المدة كالزوجة، بخلاف سائر الأقارب. ثم اعلم أن ما ذكره الزيلعي نقله عن الذخيرة عن الحاوي في الفتاوى، وأقره عليه في البحر والنهر وتبعهم الشارح مع أنه مخالف لإطلاق المتون والشروح وكافي الحاكم. مطلب في مواضع لا يضمن فيها المنفق إذا قصد الإصلاح وفي الهداية: ولو قضى القاضي للولد والوالدين وذوي الأرحام بالنفقة فمضت مدة سقطت؛ لأن نفقة هؤلاء تجب كفاية للحاجة حتى لا تجب مع اليسار وقد حصلت بمضي المدة، بخلاف نفقة الزوجة إذا قضى بها القاضي؛ لأنها تجب مع يسارها فلا تسقط بحصول الاستغناء فيما مضى. ا هـ. وقرر كلامه في فتح القدير. ولم يعرج على ما مر عن الذخيرة، على أنه في الذخيرة صرح بخلافه وعزاه إلى الكتاب فإنه قال فيها قال أي في الكتاب، وكذلك إن فرض القاضي النفقة على الأب فغاب الأب وتركهم بلا نفقة فاستدانت بأمر القاضي وأنفقت عليهم ترجع عليه بذلك، فإن لم تستدن بعد الفرض وكانوا يأكلون من مسألة الناس لم ترجع على الأب بشيء؛ لأنهم إذا سألوا وأعطوا صار ملكا لهم فوقع الاستغناء عن نفقة الأب، واستحقاق هذه النفقة باعتبار الحاجة. فإن كانوا أعطوا مقدار نصف الكفاية سقط نصف الكفاية عن الأب، وتصح الاستدانة في النصف بعد ذلك، وعلى هذا القياس، وليس هذا في حق الأولاد خاصة، بل في نفقة جميع المحارم إذا أكلوا من مسألة الناس لا رجوع لهم؛ لأن نفقة الأقارب لا تصير دينا بالقضاء بل تسقط بمضي المدة، بخلاف نفقة الزوجة. ا هـ. ومثله في شرح أدب القضاء للخصاف، وذكر مثله قاضي خان جازما به، وقد قال في أول كتابه: إن ما فيه أقوال اقتصرت فيه على قول أو قولين، وقدمت ما هو الأظهر وافتتحت بما هو الأشهر. وقد راجع الرحمتي نسخة من الذخيرة محرفة حتى اشتبه عليه ما مر بمسألة الموت الآتية وحكم على الزيلعي ومن تبعه بالوهم، وقال؛ لأن مراد الحاوي أن نفقة الصغير لا تسقط بعد الاستدانة، وأطال بما لا يجدي نفعا والصواب في الرد على الزيلعي ما قدمناه. (قوله وأما ما دون شهر) محترز قوله أي شهر فأكثر. ووجهه أن هذه المدة قصيرة وأن القاضي مأمور بالقضاء، فلو سقطت المدة القصيرة لم يكن للأمر بالقضاء فائدة؛ لأنه إذا كان كل ما مضى سقط لم يمكن استيفاء شيء كما في الفتح (قوله ونفقة الزوجة والصغير) محترز قوله غير الزوجة والصغير، أما الصغير ففيه ما علمت، وأما الزوجة فإنما تصير دينا بالقضاء ولا تسقط بمضي المدة؛ لأن نفقتها لم تشرع لحاجتها كالأقارب بل لاحتباسها، وقد علم من هذا أنها بعد القضاء لا تسقط بمضي المدة سواء كانت شهرا أو أكثر أو أقل، نعم تسقط نفقتها بمضي المدة قبل القضاء إن كانت شهرا فأكثر كما قدمناه عند قول المصنف والنفقة لا تصير دينا إلا بالقضاء. والحاصل أن نفقة الزوجة قبل القضاء كنفقة الأقارب بعد القضاء في أنها تسقط بمضي المدة الطويلة. (قوله غير الزوجة) أما هي فترجع بما فرض لها ولو أكلت من مال نفسها أو من مسألة كما في الخانية وغيرها فاستدانتها بعد الفرض غير شرط، نعم استدانتها للصغير شرط كما علمته مما مر ويأتي (قوله فلو لم يستدن) أفاد أن مجرد الأمر بالاستدانة لا يكفي، وما فهمه بعضهم من عبارة الهداية فهو غلط كما نبه عليه في [أنفع الوسائل] (قوله بل في الذخيرة) هذا محل التفريع، فكان المناسب أن يقول ففي الذخيرة إلخ، وهذا أيضا فيما إذا فرض القاضي لهم النفقة وأمر الأم بالاستدانة كما علمته من كلام الذخيرة، وأنت خبير بأن هذا مخالف لما قدمه عن الزيلعي من قوله والصغير كما نبهنا عليه آنفا فافهم (قوله أو أنفقت من مالها) هذا من كلام الخانية كما تعرفه، وما قبله مذكور في الخانية أيضا، وقوله رجعت بما زادت: أي بما استدانته أو أنفقته من مالها لتكميل نفقتها. وأفاد أن الإنفاق من مالها على الأولاد قائم مقام الاستدانة فهو تقييد لقوله فلو لم تستدن بالفعل فلا رجوع، لكن هذا فهم لصاحب البحر وهو غير صحيح، فإنه قال: وفي الخانية: رجل غاب ولم يترك لأولاده الصغار نفقة ولأمهم مال تجبر الأم على الإنفاق ثم ترجع بذلك على الزوج. ا هـ. قال في البحر: ولم يشترط الاستدانة ولا الإذن بها، فيفرق بين ما إذا أنفقت عليهم من مالها وبين ما إذا أكلوا من المسألة. ا هـ. قلت: لا يخفى عليك أن ما في الخانية من مسائل أمر الأبعد بالإنفاق عند غيبة الأقرب، وهي كثيرة تقدمت في الفروع عن واقعات المفتين لقدري أفندي، ففيها يأمر القاضي الأبعد ليرجع على الأقرب كالأم ليرجع على الأب فهو أمر بالإدانة، ويحبس الممتنع عنها؛ لأن هذا من المعروف كما قدمه عن الزيلعي والاختيار قبيل قول المصنف قضى بنفقة الإعسار، فإذا كانت الأم موسرة تؤمر بالإدانة من مالها، وإن كانت معسرة تؤمر بالاستدانة، ففي كل منهما إذا أكل الأولاد من مسألة الناس سقطت نفقتهم عن أبيهم لحصول الاستغناء فلا ترجع الأم بشيء في الصورتين. وأما إذا أمرت بالاستدانة ولم تستدن بل أنفقت من مالها فلا رجوع لها أيضا، بمنزلة ما إذا أكلوا من المسألة؛ لأنها لم تفعل ما أمرها به القاضي القائم مقام الغائب، ولذا صرحوا باشتراط الاستدانة بالفعل ولم يكف مجرد الأمر بها، خلافا لمن غلط فيه كما قدمناه عن أنفع الوسائل. ويدل على أن إنفاقها لا يقوم مقام الاستدانة ما صرح به في البزازية بقوله: وإن أنفقت عليه من مالها أو من مسألة الناس لا ترجع على الأب وكذا في نفقة المحارم. ا هـ. فهذا صريح فيما قلناه، وأشار إلى بعضه المقدسي والخير الرملي فافهم، نعم لو أمرت بالإنفاق وهي موسرة فاستدانت وأنفقت منه ترجع؛ لأن ما استدان دين عليها لا على الأب؛ لأنه لا يصير دينا على الأب إلا بالأمر بالاستدانة عليه لعموم ولاية القاضي، فإذا كان دينا عليها صار من مالها فلا فرق بين الإنفاق منه أو من مال آخر، بخلاف ما إذا أمرت بالاستدانة وأنفقت من مالها فإنها تكون متبرعة، فاغتنم تحرير هذا المقام (قوله وينفق منها) الأولى منه: أي مما استدانه (قوله لكن نظر فيه في النهر إلخ) قد يجاب عن البحر بأن المراد من قوله وينفق مما استدانه تحقيق الاستدانة، فهو للاحتراز عما إذا لم يستدن وأنفق من ماله أو من صدقة، ولذا قال في البحر بعد ذكر هذا الشرط قال في المبسوط: فلو أنفق بعد الإذن بالاستدانة من ماله أو من صدقة فلا رجوع له لعدم الحاجة. وحينئذ فلا خلاف وسقط التنظير، أفاده ط. وحاصله أن الإنفاق مما استدانه غير شرط، لكن قال الرحمتي: لو أنفق من غيره. فإما أن يكون من ماله فلا يستحق نفقة لغناه به أو من مال غيره فهو استدانة ويصدق أنه أنفق مما استدانه. لكن صاحب النهر مولع بالاعتراض على أخيه في غير محله. ا هـ. قلت: لكن هذا ظاهر إذا كان قبل الاستدانة، أما بعد أن استدان وصار ما استدانه دينا على المقضي عليه ثم تصدق عليه بشيء فهل تسقط نفقته عن قريبه؛ لأنها تجب كفاية للحاجة، وقد حصلت بما صار معه من الصدقة فليس له أن ينفق مما استدانه حتى ينفق ما معه، ولذا لو دفع له القريب نفقة شهر قضى الشهر وبقي معه شيء لم يقض له بأخرى ما لم ينفق ما بقي، أم لا تسقط لكون ما استدانه صار ملكه، ولذا لو عجل له نفقة مدة فمات أحدهما قبل تمام المدة لا يسترد شيء منها اتفاقا كما في البدائع. ونظيره ما مر في موت الزوجة أو طلاقها، فما استدانه في حكم المعجل فيما يظهر، فحيث ملكه فله أن ينفق منه أو من الصدقة، لكن ليس له الاستدانة ثانيا ما لم يفرغ جميع ما معه لتتحقق الحاجة. فالحاصل أنه إذا استدان بأمر قاض صار ملكه؛ ولذا لو مات القريب بعدها يؤخذ من تركته ولا يسقط بالموت، فلا فرق حينئذ بين أن ينفق منه أو مما ملكه بعد الاستدانة بصدقة أو غيرها، هذا ما ظهر لفهمي القاصر فتأمل.ه. (قوله أو من عليه النفقة) أي من بقية الأقارب فالأب غير قيد (قوله دين ثابت في تركته) فللأم أن تأخذها من تركته ذخيرة (قوله فتأمل.) أي عند الفتوى ما هو الأولى من هذين القولين المصححين. قلت: لكن نقل الثاني في الذخيرة عن الخصاف الأول عن الأصل. قال الخير الرملي: وأنت على علم بأن تصحيح الخصاف لا يصادم تصحيح الأصل مع ما فيه من الإضرار بالنساء، فينبغي أن يعول عليه. ا هـ. أي على ما في الأصل للإمام محمد. وفي شرح المقدسي: ولو مات من عليه النفقة المستدانة بإذن لم تسقط في الصحيح فتؤخذ من تركته وإن صحح في الخلاصة خلافه. ا هـ. ووفق ط بين القولين بما لا يظهر، وعزا ما في المتن إلى الكنز والوقاية والإيضاح مع أنه غير الواقع، فإن مسألة الموت مما زادها المصنف على المتون تبعا لشيخه صاحب البحر فافهم. (قوله وفي البدائع إلخ) تبع في النقل عنها صاحب البحر والنهر. والذي رأيته في البدائع عكس ذلك، فإنه قال ويحبس في نفقة الأقارب كالزوجات، أما غير الأب فلا شك فيه، وأما الأب فلأن في النفقة ضرورة دفع الهلاك عن الولد ولأنها تسقط بمضي الزمان، فلو لم يحبس سقط حق الولد رأسا فكان في حبسه دفع الهلاك واستدراك الحق عن الفوات؛ لأن حبسه يحمله على الأداء، وهذا لم يوجد في سائر ديون الولد؛ لأنها لا تفوت، ولهذا قال أصحابنا: إن الممتنع من القسم يضرب ولا يحبس، بخلاف سائر الحقوق؛ لأنه لا يمكن استدراك هذا الحق بالحبس؛ لأنه يفوت بمضي الزمان فيستدرك بالضرب، بخلاف سائر الحقوق. ا هـ. ملخصا. وبه علم أن ما ذكره هو حكم الممتنع عن القسم بين الزوجات، وقدمنا عن الذخيرة لا يحبس والد وإن علا في دين ولده وإن سفل إلا في النفقة؛ لأن فيه إتلاف الصغير وسيأتي في فصل الحبس التصريح بذلك. وفي الكنز: لا يحبس في دين ولده إلا إذا أبى عن الإنفاق عليه، وذكر المصنف هنا مثله وعلى هذا فلا يصح أن يقال إنه يمكن أن يستدين بأمر القاضي فلا يلزم المحذور؛ لأن الكلام في الممتنع من الإنفاق وهو شامل للإنفاق بالاستدانة فحبس لينفق من ماله أو ليستدين فافهم. وقول البدائع: فلو لم يحبس سقط حق الولد رأسا أي كله، بخلاف ما إذا حبس فإنه إنما يسقط حقه في مدة الحبس فقط. وفي هذا دليل على أن الصغير ليس في حكم الزوجة خلافا لما مر عن الزيلعي: لو كان في حكمها لكان يمكن القاضي أن يقضي عليه بالنفقة فلا يسقط منها شيء كسائر ديون الصغير. (قوله وقيده) أي قيد عدم الحبس في نفقة القريب، وهذا مبني على النقل الخطأ، أما على الصواب الذي نقلناه فلا تقييد ثم قوله بما فوق الشهر حقه كما في ط أن يقال بالشهر فما فوقه؛ لأن الذي لا يسقط هو القليل وهو ما دون شهر كما مر (قوله ولا يصح الأمر إلخ) في التتارخانية: امرأة لها ابن صغير لا مال له ولا للمرأة فاستدانت وأنفقت على الصغير بأمر القاضي فبلغ لا ترجع عليه بذلك. ا هـ. أي أمرها القاضي بأن تستدين وترجع عليه بعد بلوغه كما في البزازية. قال في المنح: فقد أفاد أنه يملك الأمر بالاستدانة إلا إذا كان للصغير مال أو كان هناك من تجب نفقته عليه (قوله النفقة) أي على المولى ولو فقيرا قهستاني. مطلب في نفقة المملوك (قوله لمملوكه) أي بقدر كفايته من غالب قوت البلد وإدامه، وكذا الكسوة ولا يجوز الاقتصار فيها على ستر العورة، ولا يلزم السيد إن تنعم على أن يدفع له مثله بل يستحب، ولو قتر على نفسه شحا أو رياضة لزمه الغالب في الأصح، ويستحب التسوية بين عبيده وجواريه في الأصح، ويزيد جارية الاستمتاع في الكسوة للعرف، وعليه شراء ماء الطهارة لهم وينبغي أن يجلسه ليأكل معه ط ملخصا عن الهندية (قوله منفعة) تمييز محول عن نائب الفاعل، وخرج به مالك لمنافعه، ودخل فيه المدبر وأم الولد فإنهما كالقن ولو له كبيرا ذكرا صحيحا ولو له أب حاضر ولو أمة متزوجة ما لم يبوئها منزل الزوج كما في البحر (قوله كموصى بخدمته) إلا إذا مرض مرضا يمنعه من الخدمة أو كان صغيرا لا يقدر على الخدمة فنفقته على الموصى له بالرقبة حتى يصح ويبلغ الخدمة نهر (قوله هو الصحيح) وقيل يرفع البائع الأمر إلى الحاكم فيأذن له في بيعه أو إجارته قنية، وفيها أن نفقة المبيع بشرط الخيار على من له الملك في العبد وقت الوجوب، وقيل على البائع، وقيل يستدين فيرجع على من يصير له الملك كصدقة الفطر. ا هـ. (قوله فينبغي أن تلزم المشتري). تتمة عبارة البحر هكذا وتكون تابعة للملك كالمرهون كما بحثه بعضهم كما في القنية أيضا. ا هـ. ومثله في النهر: والجواب أن المبيع باق في ضمان البائع واجب تسليمه كالمغصوب نفقته على الغاصب ولا ملك له فيه رقبة ولا منفعة ولأنه قبل القبض بفرض العود إلى ملكه إذا هلك ولذا يسقط ثمنه رحمتي (قوله كمعين البناء) هو من يعجن له الطين ويناوله ما يبني به، وهو تمثيل للصحيح غير العارف بصناعة (قوله وإلا) أي إن لم يكن له كسب (قوله أو جارية لا يؤجر مثلها) بأن كانت حسناء يخشى عليها الفتنة والحال أنها عاجزة عن الكسب، حتى لو كانت الأمة قادرة عليه ومعروفة بذلك بأن كانت خبازة أو غسالة تؤمر به أيضا هكذا قال الإمام أبو بكر البلخي وأبو إسحاق الفقيه الحافظ هندية. قال في الشرنبلالية: فعلم أن الأنوثة هنا ليست أمارة العجز بخلافها في ذوي الأرحام. ا هـ. وتمامه في ط. وقدمنا هناك عن الرملي أن البنت لو كان لها كسب لا تلزم نفقتها الأب (قوله أمره القاضي) وإن امتنع حبسه كما في الدر المنتقى. قلت: فلو كان السيد غائبا هل يبيعه القاضي؟ الظاهر نعم كما يأتي في العبد الوديعة، وتقدم أنه لا يفرض له القاضي في مال سيده الغائب بخلاف الزوجة وقرابة الولاد (قوله وقالا يبيعه القاضي)؛ لأنهما يريان جواز البيع على الحر لأجل حق الغير وسيأتي في الحجر أن الفتوى عليه، فأما الإمام فإنه لا يرى ذلك ولكن يحبسه نهر (قوله ألزم بالإنفاق) فإن غاب ولا مال له حاضر فالظاهر أن القاضي يأمره بالاستدانة على سيده إحياء لمهجته ويحتمل أن تلزم نفقته على بيت المال كالمعتق تأمل. (قوله أو أخذ) أي ثوبا يكتسي به أم دراهم يشتري بها (قوله وإلا) أي إن لم يكن عاجزا عن الكسب وأذن له فيه (قوله كما لو قتر) أي ضيق (قوله لا يأكل منه) أي من مال مولاه (قوله يجبران على نفقته) وكذا ولد أمة مشتركة ادعاه الشريكان، وعليه إذا كبر نفقة كل واحد منهما ط عن الهندية، ولو أثبت أحدهما الحق له لم يرجع عليه الآخر لتبرعه حيث تعرض لمال غيره أو لوجوبه عليه رحمتي. (قوله؛ لأنه مضمون عليه) فإنه لو تعيب عنده أو هلك يضمن للمالك إلى أن يرده عليه والرد واجب، وإن كان المالك غائبا فما بقي عند الغاصب فهو متبرع بما ينفقه (قوله ولكن إن خاف إلخ) بأن خاف هربه بالعبد أو نحوه (قوله أو آخذ الآبق) ما كان ينبغي ذكره على هذا الوجه؛ لأن ذلك بحث لصاحب النهر حيث قال ونقلوا في آخذ الآبق إذا طلب من القاضي ذلك فإن رأى الإنفاق أصلح، أمره وإن خاف أن تأكله النفقة، أمره بالبيع فيقال: إن أمره بالإجارة أصلح فلم لم يذكروه. ا هـ. فالمنقول في حكمه مخالف للمودع والمشترك على أن الرملي وغيره أجاب بأن الآبق يخشى عليه الإباق ثانيا فالغالب انتفاء أصلحية إجارته للغير فلذا سكتوا عنه ثم بحث الرملي أن الحكم دائر مع الأصلحية حتى في المودع لو كان الأصلح الإنفاق عليه أمره به فلا فرق بينهما تأمل. ا هـ. قال في البحر وكذلك أي كالعبد الآبق إذا وجد دابة ضالة في المصر أو في غير المصر (قوله أو أحد شريكي عبد إلخ) أي فيرفع الشريك الأمر إلى القاضي ويقيم البينة على ذلك والقاضي بالخيار في قبول هذه البينة وعدمه، فإن قبلها فالحكم ما ذكر كما في البحر عن الخانية، ويأتي ما إذا امتنع أحدهما عن الإنفاق (قوله ونحوها) وهو الآبق والمشترك (قوله لا يجيبه إلخ) ذكر في الذخيرة أن القاضي إن رأى الإنفاق أصلح أمره بذلك، وكذلك في اللقيط واللقطة، وبه علم أن المدار على الأصلحية (قوله والنفقة على الآجر والراهن) أي نفقة العبد المأجور والمرهون على مالكه والمستعار على المستعير،؛ لأنه يستوفي منفعته بلا عوض، فهو محبوس في منفعته وقد مر أول الباب أن كل محبوس لمنفعة غيره تلزمه نفقته. وما في البحر من قوله وكذا النفقة على الراهن والمودع فالظاهر أن المودع بكسر الدال اسم فاعل وإلا خالف ما تقدم من القاضي يؤجره لينفق عليه أو يبيعه (قوله وأما كسوته فعلى المعير) لعل وجه الفرق بين نفقته وكسوته أن الطعام يستهلكه العبد في حال احتباسه في منفعة المستعير فلا يملكه المولى، أما الكسوة فتبقى فلو لزمته كسوته صارت ملكا لمولى العبد والعارية تمليك المنفعة بلا عوض. ففي إيجاب الكسوة عليه إيجاب العوض تأمل. (قوله وتسقط بعتقه) أي إذا أعتق السيد عبده سقطت عنه نفقته (قوله وتلزم بيت المال) أي إذا كان عاجزا وليس له قريب ممن تلزمه نفقته (قوله أجبره القاضي) أي على الإنفاق عليها، وهذا ذكره في المحيط. وذكر الخصاف أن القاضي يقول للآبي إما أن تبيع نصيبك من الدابة أو تنفق عليها رعاية لجانب الشريك، كذا في الفتح والبحر (قوله جوهرة) لم يذكر في الجوهرة مسألة الدابة المشتركة وإنما ذكر ما بعدها، فالمناسب عزو ذلك للفتح أو البحر كما ذكرنا (قوله ويؤمر إلخ) المالك الذي لا شريك معه فهنا لا يجبر قضاء. بخلاف ما لو كان معه شريك فإنه يجبر رعاية لحق الشريك كما علمت (قوله لا قضاء)؛ لأنها ليست من أهل الاستحقاق بخلاف العبد كما في الهداية (قوله والكمال) قال: والحق ما عليه الجماعة؛ لأن غاية ما فيه أن يتصور فيه دعوى حسبة فيجبر القاضي على ترك الواجب، ولا بدع فيه وأقره في البحر والنهر والمنح (قوله ولا يجبر في غير الحيوان) أي كالدور والعقار والزرع (قوله ما لم يكن له شريك) أي فإنه كان له شريك فإنه يجبر حيث لم تمكن القسمة ككري نهر ومرمة قناة وبئر ودولاب وسفينة معيبة وحائط إلا إن كان يمكن قسمه من أساسه ويبني كل واحد في نصيبه السترة. وسيأتي تمام الكلام عليه في آخر الشركة - إن شاء الله تعالى -. (قوله كما مر) أي نظير ما مر آنفا في الدابة المشتركة من أنه يجبر الممتنع لئلا يتضرر شريكه (قوله أنفق الثاني ورجع عليه) هذا خلاف ما قدمه من أن حكمه حكم عبد الوديعة. وأجاب ح بأن هذا متعنت في الامتناع، بخلاف ما تقدم فإنه معذور بغيبته. ا هـ. قلت: لكن لا بد من إذن القاضي أو الشريك كما أفاده الشارح بعده. وفي البزازية: قال أحدهما: ليس لي شيء أنفقه وأنفق الآخر على حصته يبيع الحاكم حصة الآبي ممن ينفق عليه، فإن لم يجد استدان عليه، فإن لم يجد أنفق من بيت المال، فإن قال الشريك أنفق على حصته أيضا ويكون ذا دينا على المولى فعل، لكن لا يجبر عليه، فإن فضل عن قيمة العبد لا يكون دينا على العبد بل على المولى. ا هـ. (قوله الوديعة واللقطة) أي إذا أقام بينة على ذلك، فإن شاء القاضي قبله وأمره بالإنفاق إن كان أصلح وإلا أمره ببيعها كما في الذخيرة، والأمر بالإنفاق يحتمل كونه من أجرتها أو من مال المأمور أيهما كان أصلح يأمره القاضي به كما علم مما مر (قوله إذا استرمت) أي احتاجت للإصلاح كأنها تطلبه. وفي المصباح: رممت الحائط وغيره رما من باب قتل أصلحته، والله سبحانه وتعالى أعلم.
|